علم النفس 


  1. المقدمة


    من البديهي أن تكون بداية علم النفس بداية فلسفية , عملاً بالحكمة القائلة الفلسفة أم العلوم , منذ سالف العصور بدأ الفلاسفة يتساءلون عن سر النفس , ما هو أصلها ؟ ما هي طبيعتها ؟ وما هو مصيرها ؟ ولعل السبب هذا التساؤل يتمثل في كون الإنسان تأثر بظاهرة وجود زيادة على النشاط الفسيولوجي , كما لاحظ التفاعلات النفسية " الغضب , الفرح , الحزن , ... " ووجودها متأك منذ أقدم العصور , فالإنسان البدائي كان يفرح ويحزن , والتقدم الحضاري لم يضف شيئاً جديداً لهذه الانفعالات النفسية , فغضب إنسان العصور الغابرة لا يختلف عن غضب إنسان القرن 20 م , وقد افترض الإنسان البدائي وجود إنسان بداخل إنسان , أي هناك قوة دافعة وهذا الشخص الخفي هو الذي يوجهنا نحو الخير أو الشر. والأديان نفسها اهتمت بهذا الجانب , أما رواد الفلسفة فلقد تفننوا في التصور النفسي فيثاغورث تصورها وكأنها عنصر خالد مغاير للجسم مستقر في الدماغ وعند الموت تغادر الجسم ثم تعود إلى الأرض في جسم أحط أو أسمى من الذي كانت فيه فالنفس واقعة في ذهاب وإياب إي وفق مبدأ تناسخ الأرواح Reincarnation  أما أفلاطون فقد أدت نظريته إلى إقرار بأن النفس أقدم من البدن وأنها أدركت المثل التي لا تدركها الأبدان, فالنفس عنده قوة روحية فهي بذلك تتذكر بعدها عقلية في العالم الروحاني. أما ابن سينا فقد كان أكثر الفلاسفة المسلمين اعتناء بأمر النفس وفعلاً هيأ لهذا الغرض العديد من الرسالات والمقالات من بينها اختلاف الناس في أمر النفس, تعلق النفس بالبدن , رسالة في معرفة النفس وأحوالها واستطاع إثبات وجود النفس بالبراهين النفسية وذلك أن الإنسان يدرك, يتصور ويعاني مختلف الانفعالات فهو يقول " إن النفس جوهر روحاني وضعت على شاكلة الروح, والروح كمال والنفس صورة منها " تقدمت الدراسات النفسية في سنة 1811 و 1820م واستطاع العالمان بال و ماجندي أن يميزا الأعصاب الجابذة والأعصاب النابذة. وقام هالبس Helpz بقياس سرعة النقل في السيالة العصبية بحسب الأنواع والفصائل الحيوانية, وهناك فروق فردية فيما يخص الاستجابة. وفي 1861م اكتشف بروكا وجود مركز للغة في المنطقة اليسرى لقشرة الدماغ. وفي 1926م اكتشف العالم بيرجيه عن وجود نشاط كهربائي في الدماغ حينما قام لأول مرة بتسجيل مخطط في حركة الدماغ الكهربائية. كما يعتبر فيخنر مؤسس علم النفس التجريبي 1860م. وأسس العالم فونت أول مخبر في علم النفس التجريبي بمدينة لايبزيج الألمانية وهو الذي ميز بين الإحساس والإدراك. ولابد أيضاً من الإشارة إلى بعض إعلام علم النفس أمثال وود وارد, ثورندايك, بافلوف, واتسون, سيجموند فرويد يعتبر علم النفس من العلوم الحديثة التي تم إنشاؤها وإدخالها لأول مرة في المختبرات في سنة 1879م على يد عالم النفس الألماني وليم فونت, وقد استخدم فونت طريقة الاستبطان أو التأمل الذاتي لحل المشكلات وكشف الخبرات الشعورية وأطلق فونت على هذا العلم اسم علم دراسة الخبرة الشعورية وبذلك يعتبر فونت هو المؤسس الحقيقي لعلم النفس, وهو الذي قام باستقلالية هذا العلم عن الفلسفة أسس وليم فونت المدرسة البنائية في علم النفس معتمدا على عملية الاستبطان التي قامت على التعرف على مشكلات الشخص عن طريق الشخص نفسه, ومساعدته في حل هذه المشكلات, وتصحيح رؤيته لها, فعلي سبيل المثال هناك من يعتقد أن اللع خلقه ليعاقبه أو لتكون نهايته في الجحيم " النار ", وبناء على هذا الاعتقاد يتصرف بتمرد أو يأس أو يكون مضطهدا للمجتمع ومضاداً له, فيتم استخدام طريقة الاستبطان مع هذا الشخص لتصحيح هذا الاعتقاد الخاطئ لديه, ولذلك طرق خاصه مخبرية علمية. ولكن بعد ذلك جاء علماء آخرون وانتقدوا طريقة فونت بالاستبطان, وقالوا إنها طريقة ذاتيه تعتمد على رأي الشخص نفسه ولا يمكن تعميمها, وكذلك تعتمد على رأي الباحث نفسه ورؤيته وحالته النفسية؛ فمن العلماء الذين انتقدوا المدرسة البنائية الأمريكي وليام جيمس؛ حيث ركز على وظائف الدماغ وتقسيماته, وماهي وظيفة أجزاء الدماغ؛ فمن وظائف الدماغ بشكل مختصر ومبسط التفكير والإحساسات والانفعالات؛ حيث إن المنطقة الجبهية تتم فيها عمليات التفكير والنخيل والكلام والكتابة والحركة, وفي وسط الدماغ منطقة السمع وتفسير الإحساسات وإعطائها معنى, وفي المنطقة الخلفية للدماغ يقع الجهاز البصري, ووظيفته تفسير الإحساسات البصرية, وهناك منطقة تقع فوق الرقبة من الخلف مباشرة تحتوي على المخيخ والنخاع المستطيل والوصله, وهم مسؤولون عن توازن الجسم والتنفس وعمليات الهضم وضربات القلب والدوره الدموية ... إلخ, وأطلق على هذهالمدرسة اسم المدرسة الوظيفية.
    ثم بعد ذلم ظهر انتقاد آخر للمدرستين قائلاً " إن كان على علم النفس أن يكون علماً صحيحاً ومستقلاً لا يجب أن تتم دراسة ما لا يمكن رؤيته وغير ملموس وما كان افتراضياً, كالعقل والذكاء والتفكير, وذلك لأنها مجرد افتراضيات لايمكن إثباتها علمياً ", ومن العلماء المنتقدين للوظيفية الأمريكي جون واطسون الذي قال: " يحب دراسة السلوك ( الظاهر ) للإنسان أي ماهو ملموس ويمكن رؤيته ", وتطور بذلك علم النفس كثيراً بعد ظهور هذه المدرسة وهي المدرسة السلوكية, ومن رواد هذه المدرسة عالم النفس الشهير الروسي بافلوف, مؤسس نظرية التعلم الذي أجرى اختبارات مخبرية؛ فقد لاحظ بافلوف أن سيلان لعاب الكلب يرتبط بتقديم الطعام له؛ فقام بتجربة والمتمثلة في: قرع جرس قبل تقديم الطعام, ثم يلحقها بالإطعام فيسيل اللعاب, وبعد تكرار هذه التجربة بدأ يسيل لعاب الكلب لمجرد سماع الجرس دون تقديم الطعام وهذا ما أطلق عليه تعلم شرطي.


    تعريف علم النفس :
    علم النفس (باليونانية: Ψυχολογίαيعني “دراسة العقل والكلمة مشتقة من : ψυχήpsykhوتعني “النفس والروح” و-λογία-logia تعني “دراسة”) هو منهج أكاديمي وتطبيقي يشمل الدراسة العلمية لوظائف العقل البشري وسلوك الإنسان. 

اصل كلمة علم النفس : ان كلمة علم النفس " psychology " مشتقه من كلمة يونانيه تعني دراسة العقل والروح  ف psych تعني النفس او الروح و كلمة logus معناها علم وبذالك ارتبط علم النفس اولا بالفكر اليوناني منذ القرن الخامس قبل الميلاد 



 إلى جانب استخدام الأسلوب العلمي أو معارضة استخدامه من حين لآخر، يعتمد علم النفس أيضًا على أعمال التفسير الرمزي والتحليل النقدي، ذلك على الرغم من أن هذين الأسلوبين لم يتم استخدامهما بالقدر نفسه في العلوم الاجتماعية، مثل علم الاجتماع. يدرس علماء النفس العديد من الظواهر، مثل الإدراك والمعرفة والانفعال والشخصية والسلوك والعلاقات الشخصية المتبادلة. في حين يدرس البعض الآخر من علماء النفس، وخاصةً علماء نفس الأعماق، العقل الباطن. يتم تطبيق المعرفة النفسية في العديد من المجالات المختلفة للأنشطة الإنسانية، بما في ذلك المشاكل المرتبطة بأمور الحياة اليومية، مثل الأسرة والتعليم والتوظيف، وفي كيفية حل مشكلات الصحة النفسية. حاول علماء النفس دراسة الدور الذي تلعبه الوظائف العقلية في كل من سلوك الفرد والمجتمع، وفي الوقت نفسه استكشاف العمليات الفسيولوجية والعصبية الخفية. يشمل علم النفس العديد من الدراسات والتطبيقات الفرعية المتعلقة بنواحي عدة بالحياة، مثل التنمية البشرية والرياضة والصحة والصناعة والإعلام والقانون. كما يشمل علم النفس الأبحاث التي يتم أجراؤها في مختلف مجالات العلوم، مثل العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية. ويعرف الشخص الدارس لعلم النفس أو المستخدم له باسم عالم نفسي.
الجذور الفلسفية والعلمية لعلم النفس
ترجع دراسة علم النفس في سياق فلسفي إلى الحضارات المصرية واليونانية والصينية والهندية القديمة. وقد بدأ علم النفس في اتخاذ أشكال علاجية وتجريبية أكثر من ذي قبل في عصر علماء النفس المسلمين وعلماء الطبيعة الذي ظهروا في القرون الوسطى وقاموا ببناء مستشفيات للعلاج النفسي. وفي عام 1802، ساعد العالم النفسي الفرنسي “بيير كابينس” في استكشاف علم النفس البيولوجي بالمقال الذي كتبه باسم Rapports du physique et du moral de l’homme والذي يتناول فيه العلاقات التي تربط بين الجانبين المادي والمعنوي بالإنسان. لقد اعتمد “كابينس” في وصفه للعقل البشري على ما تحصل عليه من معلومات من دراساته السابقة لعلم الأحياء وحاول إثبات أن الإحساس والروح من الخواص المرتبطة بالجهاز العصبي. وعلى الرغم من أن تاريخ التجارب النفسية يرجع إلى الفترة التي ظهر بها كتاب المناظر للعالم المسلم “ابن الهيثم” في عام 1021، فقد ظهر علم النفس كمجال تجريبي مستقل بذاته عام 1879. حدث ذلك عندما قام عالم النفس الألماني “ولهلم فونت” بإنشاء أول معمل متخصص في الأبحاث النفسية في جامعة “ليبزج” الألمانية، الأمر الذي جعله يعرف باسم “أبو علم النفس”. ويعتبر عام 1879 بذلك هو عام ولادة علم النفس وظهوره للنور. وقد أصدر الفيلسوف الأمريكي “وليم جيمس” كتابه الذي يعتبر نواة تطور هذا العلم ويحمل اسم Principles of Psychology عام 1890 وقد وضع بهذا الكتاب أسس العديد من الأسئلة التي سيركز علماء النفس على إيجاد إجابات عنها في السنوات التالية لصدور الكتاب. ومن الشخصيات المهمة الأخرى التي كانت لها إسهامات في المرحلة الأولى لهذا العلم “هيرمن إبنجهاوس” (1850-1909) وهو من رواد مجال الدراسات التجريبية المتعلقة بذاكرة الإنسان والتي أجريت في جامعة برلين. هذا إلى جانب عالم النفس الروسي “إيفان بافلوف” (1849-1936) الذي بحث عملية التعلم التي يشار إليها الآن باسم نظرية الارتباط الشرطي الكلاسيكية .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق